Aldoughli, Rahaf (2023) ديناميكيات التعبئة في الفصائل المسلحة بين ثنائية الدوافع والحوافز: الجبهة الشامية أنموذجًا. [Report]
Full text not available from this repository.Abstract
النقطة المركزية التي تنطلق منها هذه الدراسة هي تحديد موجبات انخراط الأفراد في الصراع واختيار الانضمام إلى فصيل مسلّح دون غيره، وأسباب استمرارهم في القتال ضمن صفوف هذا الفصيل. وتعمل الدراسة على توضيح الفروق بين ثنائية الحوافز المادية الملموسة، والدوافع النفسية والاجتماعية والأشكال المختلفة للتظلّم، وكيفية تفاعل هذه الأشكال من المظالم مع استمرار المقاتلين في الانتماء إلى فصيل “الجبهة الشامية”، وذلك من خلال تقديم عرض لتاريخ تشكّل “الجبهة الشامية”، ومواقع سيطرتها العسكرية، وسيرورة التغير والتطور في هيكلتها، مع تتبع قرارات قادتها ومواقفهم من القضايا التي طرأت على المسار العسكري والسياسي. وتمثّل “الجبهة الشامية” نموذجًا يدحض الأدبيات السائدة التي تربط ديمومة البقاء عند فصيل عسكري بقدرة الفصيل على تقديم حوافز مادّية تنافس المجموعات الأخرى. وانطلاقًا من فهم خلفية ديناميات تشكّل هذا الفصيل، استخدمَت الدراسة منظور “قدرة التعبئة النسبية” relative mobilization capacity، لقياس مدى أثر الحوافز المادية على التماسك الداخلي للمجموعة[1]. وفي هذا السياق، طرحت الأسئلة البحثية الرئيسية، وهي: لماذا يكون الأفراد على استعداد للقتال، ومتى؟ هل يرتبط هذا الأمر بإحساسهم بالارتباط بمجموعات صغيرة؟ هل بنية المجموعة الداخلية هي المصدر الأساسي لفهم دوافع الفرد للانخراط في القتال؟ كيف ترتبط ديناميات العلاقة بين الأفراد على المستوى الجزئي بالسياقات البنيوية على المستوى الكلي والمتوسط للمجموعة؟ كيف تُغيّر الحرب تصورات الأفراد عن هويتهم وانتماءاتهم وخياراتهم المستقبلية؟ ما الدور الذي تلعبه الحوادث الشعورية وروابط القرابة المتخيلة والذاكرة في الحفاظ على ديمومة الانتساب للمجموعة؟ وفضلًا عن ذلك، محّصت الدراسة أدبيات النزاعات الداخلية والحروب الأهلية، بالاعتماد على مجموعة بيانات فريدة تسجّل مواقف وسلوكيات عيّنة من مقاتلي “الجبهة الشامية”. وانطلاقًا من أن تحديد دوافع الانخراط في العمل العسكري بحاجة إلى عملية تفكيك وفهم؛ ناقشت الدراسة العلاقات بين عدة ثنائيات: بين الأفراد المقاتلين أنفسهم، وبين المقاتلين وقادتهم، وبين الأفراد وقيادة الفصيل، وتطرقت إلى دور الفاعل الخارجي في صياغة محددات التعبئة . وذلك عبر ثلاثة مستويات: (كلّي macro، متوسط meso، وجزئي micro)، حيث إنّ فهم هذه الدوافع على المستوى الجزئي (مجموعة المقاتلين) لا ينفصل عن أبعاد أخرى متعلقة بالمستوى المتوسط (المستوى التنظيمي والحوكمة)، وبالمستوى الكلّي (الفاعل الخارجي والمصالح والتظلّم). وقد أولت الدراسة عناية كبيرة للبحث في دواعي انتساب المقاتلين إلى الجبهة، وتمييز المشتركات بين المنتسبين، من حيث المنطلَق والغاية، وتعقّبت المراحل التي مرت بها الجبهة، والتغييرات التنظيمية التي طرأت عليها من جانب الحوكمة والهيكلية. ولا شك في أن فهم دوافع المقاتلين يُسهم في إلقاء الضوء على جذور الصراع وسيرورته ومآلاته، ويساعد في تقويم استراتيجيات حلّ النزاعات وإعادة الإعمار، وتحديد أدوار هؤلاء المقاتلين (كعوامل داعمة للاستقرار أو عوامل مخرّبة)، في أيّ عملية سلام يمكن أن تمرّ بها سورية مستقبلًا، فضلًا عن إسهامه في استشراف مستقبل كيانات عسكرية في أماكن أخرى، من خلال رسم خارطة ذهنية أصيلة تدمج التحليل على ثلاث مستويات. وتمت مقاربة السلسلة الأولى من الخارطة عبر محاجّة الإطارات النظرية السائدة في تفسير جذور نشوب النزاعات الداخلية والحروب الأهلية، وتتلخّص الأدبيات التي حللت أسباب اندلاع الثورات في نظريتين أساسيتين، هما التظلّم والمصالح المادية، بأبعادها المتعددة. في حين حددت السلسة الثانية العلاقات المتداخلة بين الفاعل الخارجي وحوكمة الفصيل ومسار التعبئة. وننتقل في السلسلة الثالثة إلى المحددات الشعورية لدوافع المقاتلين على المستوى الجزئي.